ليلى ليلها طويل دوما في ليلة الاتنين من كل أسبوع تظل شاردة تسأل نفسها هل نسيت شيئا ؟هل كل شئ على ما يرام؟
في آخر مرة حملت معها رسالة من زوجها مسجل فيها كل طلباته واحتياجاته,فيوم الثلاتاء هو اليوم الموعود لزيارته
والدور دوره على ليلى أن تطبخ اربع أطباق مختلفة تكفي لعشرة أشخاص
طبق من اللحم وطبق من الدجاج وطبق من السمك وطبق من الكفتةوالخضر بكل انواعها الا الممنوع ادخالها والفواكه ايضا ما عدا العنب والبطيخ والدلاح والزبيب
وحاجات كتيرة ثم السكر والزيت والقهوة والحليب الخ ليلى تظل طيلة الأسبوع تعد وتستعد كل ما تتذكر طلب تنجزه
حتى الالبسة والحلويات كل الاشياء التي يريدها ويكون يوم الاتنين اليوم العالمي للطبخ وهي مجرد موظفة بسيطة وزوجها ضيع كل شئ ودخل السجن وفي حزمتها اطفال تركها وهو قابع في غرفة بها اكثر من اربعين شخص مكدسين كالفئران يلفهم دخان السجائر والحشيش والمخدرات التي تدخل بكل الطرق على ايدي المراقبين تحت شعار لا نرى شيئا مادامت ايدينا ترى الاوراق المالية
والكل يغني على ليلاه من الحزن والتمرد والندم والحسرة والظلم ويعيشون بالكثل الجماعية كل عشرة افراد يقتسمون فيما بينهم المعيشة بالدور تتكفل اسرهم باحضار كل الطلبات ومن لا يقدر يساعدونه
ليلى يوم الثلاتاء تستيقظ باكرا تحمل القفة وكل الحاجات وتركب الحافلةلتصل الى زوجها بعد تلات ساعات بعدما فشلت في كل الطلبات بملفها الطبي واحتضانها للاطفال بما فيهم رضيع ان يبقى زوجها في نفس المدينة حتى يكون قريبا منها وتتفادى صعوبة السفر الا ان الادارة رفضت بحجة ان من لديهم احكام طويلة عليهم التواجد بالمدينة التي فيها الان
وصلت ليلى بعد عناء شديد ووقفت في طابور لا ينتهي من الانتظار والشمس تلفحها تنتظر اكتر من ساعتين وكما المعهود في ناس تخترق النظام والترتيب الصفي يخرج موظف ثخين وطويل عيناه جاحظتان يصرخ بصوت عال \\انتظموا يا بهائم يا حمير ويسب ويشتم يارب تظلون من اصحاب الطابور دوما \\\\
ليلى ابتلعت الاهانة كما ابتلعها الجميع بصمت رهيب فالخوف يسكن المكان وان تمردت منعت من الزيارة
ورددت في نفسها كما ردد الجميع ملعون ابو الزمن الذي جعلني انتظر متل الحيوان ليأتي متل الثخين الملعون ويشتم
فتح الباب ودخل الناس وانتظموا في طابور تاني به عسكريان الواحد يراقب ويتأمل ويسأل والتاني يدقق في الوثائق
البطاقة الوطنية وما له صلة بالمسجون ادا كنت زوجة عقد قران وادا كنت ام او اب او اخت او اخ ضروري كتاب الحالة المدنية المهم اثبات الهوية باي شكل
ليلى جميلة وشابة انما الزمن القاسي والهم والأسى رسما على ملامحها الحزن
دخلت في طابور ثا لت من التفتيش هاته المرةللاكل وكل حاجيات المسجون
صف طويل وعريض ايظا من الانتظار الدي لا ينتهي
الاطفال تبكي مرة تجري مرة تضحك لا تعرف في اي مكان تتحرك الاباء والامهات والزوجات يشتكون الملل يكسو المكان
لا يكسر الا بصراخ العسكري بالصفارة او بصوته الغليظ \\\يا همش يا بهائم ستظلون اسرى الصف ما دمتم لا تنتظمون \\\
والغريب ان هناس ناس راقية المظهر تمر بسرعة ولا تنتظر تتخطى الطابور لانها دفعت اوراق مالية مهمة للعسكري
اما تنادى عنوة باسمها وتمضي واما تمشي مباشرة مع العسكري على مراى من الجميع وتدخل دون صراط او معاناة ومهما صرخ الجميع فلا احد يبالي انها الرشوة والمصالح الشخصية التي لا تحترم لا ديموقراطية ولا قانون
دخلت ليلى لما وصلت وضعت القفة جانبا واخدت المفتشة تفتشها وتتحسس كل امكنتها حتى الحساسة منها بشكل عنيف
كأنها حيوان تجردت من آدميتها وانسانيتها
ورجعت الى القفة كل اللوازم اتبعترت الزيت اختلط بالحليب لانه فتح وما عاد مقفل الدجاج صار مع اللحم
والرغيف مع السمك والخبز مع اللبن والتفتيش تم بملعقة بدون غسل مرت على اكل الجميع وبايدي متسخة لا تحترم تعب الامهات ووقفتهم بالمطبخ او الزوجات او الاخوة كل من تعب في الاحضار
والاكل الممنوع يضعه المراقبون في صندوق حتى يقتسمونه في الاخير فيما بينهم
والزائر المسكين الدي يشهد الله كم تعب من ماله وصحته لكي يعد ما احضره وهناك المسكين من اقترض او شحت او عمل اي حاجة كي يسعد المسجون في الزيارة ويرعب ويخاف ولا يسأل عن حاجياته
صراط صعب جدا
ليلى لما تصل عند زوجها يكون الدمع اختنق في مقلتيها والكلام انتحر بصوتها فتعود مجرد عيون تائهة
فتدخل في طابور رابع من الانتظار في قاعة صغيرة مكتظة بالزوار والمسجونين لا تجد حتى كرسيا تجلس عليه فالكل يتسابق
والضجيج وتعلو صفارات المراقبين
ليلى التقى زوجها سلم عليها سألها عن الاولاد وأكد عليها تهتم بهم جدا وترعاهم وهي شاردة كمن تعاتبه في صمت لمادا ؟انت هنا ؟وانا هناك؟اسئلة كتيرة تروج بذهنها وهو مسكين لا يقدر يجاوبها ويمضي الوقت بسرعة ويصفر مراقب الزيارة انتهت مدتها فقط نصف ساعة اقل بكتير من الانتظار تلات ساعات مع السفر مع الاعداد القبلي ,سلمت ليلى على زوجها والحزن في محياها وحملت معها الرسالة مسجل فيها كل طلبات الاسبوع المقبل لتبدأ الرحلة من جديد
بقلم احسان السباعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق